عالم غريب

من طرف نور الأحد مارس 18, 2012 6:15 am

عالم
غريب

عصرتُ قبضة بقبضة حتى كادت
أصابع القبضة المجنيّ عليها تتكسر .. انقبض قلبي .. ثم تنهدّتُ تنهيدة طويلة .. الحمد لله .. انتهى
الأمر .. رفع يده و انتهينا من معاناة
الإبرة ..

اعتدلت في جلستي أطلقت سراح
القبضة المعصورة .. و تظاهرت بأن شيئاً لم يكن .. عادي .. إبرة .. مثل شكّة الدبوس
!!. . فابنة الثلاثين عاماً لا تبكي وتصرخ بسبب
إبرة ..

ولكن .. ولسوء حظي العاثر ..
هاجمني كابوس أسود أزرق جديد .. فقد علّق الطبيب ببرود : شكة أخرى وننتهي !!!!!

تمنيت أن أرفع يدي و أهوي على
قسمات وجهه الباردة بصفعة .. وضع يده في فمي .. بدأ يدقق قليلاً فحدثتني نفسي بخطة
أخرى .. لمَ لا أُطْبِق بكلّ أسناني على يده ؟!!

وللحظة شعرت برغبة شديدة بالضحك ..إذ تخيّلت كيف سيصبح وجهه بعد تلك العضة !!.. ولكن أيقظني وخز الإبرة
الثانية من تلك الأفكار الجنونية على ألم اعتدت ابتلاعه و التظاهر بأنه.. (شكّة
دبوس)..

خدّي صار وسادة .. ضِعْتُ بين
قطع القطن وأزيز آلة الحفر والقطع المعدنية التي كانت تدخل فمي و تخرج منه .. كنت متعبة جداً ..
وكأنني أصبتُ بدوار .. نظرتُ حولي .. أضواء حمراء و خضراء وصفراء .. موسيقا صاخبة ..
عدد كبير من العفاريت .. مسحت عينيّ بقوة .. لا لست أحلم .. عجيب !! ماذا أرى ؟!!
أين أنا ؟؟!!

في زاوية من الزوايا عفريتان
يقفزان و يدوران حول نفسيهما بصورة جنونية ! .. تشبّثت بذراع أمّي وأخذت أتأمل من كثب .. ماذا يفعلان ؟! نوع من
الرياضة مثلاً ؟!!أم أنها نوبة مرضية
؟!! هيستيريا القرن العشرين ؟!! حقاً لست أدري !!

وبينما إشارات الاستفهام تدور
حول رأسي حجب شعر جنيّة حمراء الرؤية .. كانت تقفز رغم بدانتها الشديدة .. وشعرها
الأحمر يتطاير فوق قميص انحسر عن بطنها حتى بدت سرّتها .. رغم برودة الطقس!!.. مرّ
عفريت آخر مع صديقته .. حدّقت للحظة .. ما
باله ؟!! خائف؟؟ ربما يحتاج فمه إلى إبرة
الطبيب مثلي ؟!! لا يبدو عليه الخوف ! إذاً لمَ ينتصب شعره بهذه الطريقة ؟؟

جالت عيناي في المكان .. كانت
الأشكال و الألوان كثيرة و متنافرة .. إلا أن القاسم المشترك بينها كان حالة الهرج
والمرج والجنون .. لا بل وأمر آخر- كم جعلني أشفق عليهم - إذ كان الجميع يعاني من خصر البنطال الكبير ..!

أين أنا ؟!! ترى أتأخذ إبرة الطبيب إلى مثل هذا العالم
الغريب؟!!

عادت إليّ حالة الدوار ..
وعدّت أتحسس بلساني سني الذي أنهك حفراً و طرقاً و بَرْداً .. تسللتِ الأفكار
إلى ذاكرتي .. طبيب الأسنان .. انتهاء
الزيارة .. المصعد .... (المول) .. بلى تذكرت .. أنا في طابق الألعاب.. في أحد مولات
دمشق الجديدة .. لست في عالم العفاريت .. ولا في قصة من قصص (أليس) .. لقد دخلنا
إلى قاعة الألعاب .. ولكن من هؤلاء ؟!

هؤلاء شباب اليوم .. أمل الغد
؟؟..أصحاب البنطال الساحل والشعر المنتصب ؟!! .. أصحاب البطن السافر والشعر الأحمر
؟!!..

أحسست بيد خفيّة تمتدّ إلى
قلبي فتعتصره ..قبضتْ عليه بشدّة .. تمنيتُ لو أني كنت أحلم .. أهؤلاء هم شبابنا
؟!! حلم المستقبل ؟!! المستقبل الذي نحلم به ؟!! .. مسخ بلا هوية ولا انتماء
؟!!

من أنت ؟ بالله قل لي من أنت ؟
إلى من تنتمي ؟ إلى المخبول الذي أمسكوه مقصاً فشوّه رأس أول زبون دخل إليه!! فظنّ
الناس أنه ابتكر جديداً؟!!

أم إلى مصمّم الأزياء الذي
أخطأ في قياس ( المنيكان ) فكاد بنطاله يسقط أثناء العرض فظنّ الناس ذلك فناً ..
وصفّقوا لفشله ..

أم للشعار الذي تحمله سترتك
؟!!

أم للغة عدوّك التي تتشدّق
بها ؟!!

أم لمنتج سفّاحك الذي تشتريه
لتري الناس أن في جيبك حفنة نقود؟!!

أم إليها جميعاً؟!!

أين أنت ؟ أين أنت أيا جيلاً
حلمت به طويلاً ؟!!

أين أحفاد محمد صلى الله عليه وسلم .. أين نحن من أبطال هذه الأمّة ؟!! بعنا الغالي بالرخيص !!
واستبدلنا الزيف بلآلئنا..

آه يا قلب أثقله الهم والكدر
.. متى نعود ؟!! .. متى نستيقظ ؟؟ متى ينفض هذا الغبار عن العقول والقلوب ؟؟!!..

دخلتُ ورأيتُ و يا ليتني لم
أدخل !!!!!!!!!!!!!!

نور الموصلي

من طرف **Admin** الأحد مارس 18, 2012 5:23 pm

وصف جميل للوضع و الواقع .. أرجو من الله أن يستيقظ الجيل و لا تطول مدة النوم والسبات لأنه سيطيل علينا المعانات ..
ألهمنا الله الطرق لإيقاظه و رزقنا الحكمة ..

لدي تعليق بسيط:

الأخيلة في مقالتك جميلة و لكن عدد العفاريت بعد الوخزة الثانية أضاعني فلم أعرف هل رأيتهم بعدما خرجتي أم و أنت على كرسي الطبيب ..!

شكرا لك
Very Happy

من طرف نور الأحد مارس 18, 2012 5:56 pm

Admin كتب:وصف جميل للوضع و الواقع .. أرجو من الله أن يستيقظ الجيل و لا تطول مدة النوم والسبات لأنه سيطيل علينا المعانات ..
ألهمنا الله الطرق لإيقاظه و رزقنا الحكمة ..

لدي تعليق بسيط:

الأخيلة في مقالتك جميلة و لكن عدد العفاريت بعد الوخزة الثانية أضاعني فلم أعرف هل رأيتهم بعدما خرجتي أم و أنت على كرسي الطبيب ..!

شكرا لك

شكرا جزيلا لك
في الحقيقة أعشق عنصر التشويق والغموض في كل ما أقرأ .. ولهذا قد تجدين شيئاً من هذا الغموض في كتاباتي.. أعتقد أن الغموض يجعل القارئ يجري لاهثاً خلف الكلمات محاولاً إيجاد الحلقة المفقودة دون أن يصاب بيأس من الفهم أو ملل من الواضح الرتيب

من طرف **Admin** الأحد مارس 18, 2012 6:03 pm

صحيح ... لكني أجد هنا حلقة مفقودة أو شيء يحتاج إلى ...... ربما لو انتقلت بسلاسة أكثر يصبح المعنى أوضح للقارئ..

هذا رأي فقط ...

شكراً لك

من طرف نور الأحد مارس 18, 2012 6:43 pm

Admin كتب:صحيح ... لكني أجد هنا حلقة مفقودة أو شيء يحتاج إلى ...... ربما لو انتقلت بسلاسة أكثر يصبح المعنى أوضح للقارئ..

هذا رأي فقط ...

شكراً لك

شكرا جزيلا أحب النقد البناء Very Happy

من طرف رشا الحلاّق الأحد مارس 18, 2012 9:57 pm

في البداية ضحكتُ لتصويراتكِ, لكنّني كنتُ أعلمُ أنّ وراء َكلّ ضحكة صعقةٌ ستأتيني في النّهاية .... عنصرُ التّشويق الّذي تُحبّين واضحٌ جدّاً وممتعٌ حتّى لو كان يسبّب الضّياع في بعض الأحيان ....
واحسرتااااااااااااه على جيلٍ ضاعَ وهو لا يدري أين يذهب, وعلى بُناةٍ ينحتون في الصّخر علّهم يخرجون منه اللّؤلؤ.

عالم غريب

عالم غريب

رد: عالم غريب

رد: عالم غريب

رد: عالم غريب

رد: عالم غريب

رد: عالم غريب