روح وعقل وقليل من البذور

ذات يوم أشرقت الشمس في تلك الصحاري الجافة، أخذت الرمال بريقها فاصفرت لكن!
لا زهرة تفتحت، ولا زرع حصدت، وظلت تبرق وتزداد الصفرة يومًا بعد يوم، وغربت الشمس! وجاء الليل، ولما حان موعد القمر بالظهور استيقظ ذلك الفتَى من نومته بعد أن صرعته الشمس وأنهكت قواه، وظل يحدث القمر ويناجيه بصوت مسموع تارة ومتقطع بالنحيب تارة أخرى، فلاحت "البذرة" التي أنسته إياها حرارة الشمس، وتذكر أن حقيبته بها بذر، فانتفض واستعاد قوته ليبحث:

أين موضع الزرع بتلك الصحاري؟
ترى هل سيجده؟
أم سيظل يبحث عن الموضع حتى تصرعه الشمس مرة أخرى؟

انطلق الفتى في صحراءه يرقب موضع الزرع، وظل يبحث وينقب، فجأة! ناداه صوت خفي: ماذا تفعل أيها الأحمق؟

قال: أبحث عن موضع للزرع.
فرد عليه بصوت مستنكر: في الصحراء!
قال: ما وجدت غيرها، استيقظت من نومي فلم أرى غيرها.
أجابه مرة أخرى: كي تزرع بذرًا لابد أن تستصلح الأرض، ثم تعرف ماذا تريد أن تحصد؟ كيف؟ ولماذا؟

همهم الفتى بكلمات غير مسموعة ثم تنفس بعمق.. وجلس يفكر!!

ظل يفكر ويقلب رأسه هنا وهناك حتى صرعه الفكر، فلم يستسلم، وبليلة مقمرة أحرقته تلك الخفقة الهادئة بعيدًا عن أفكاره المبعثرة ونفسه المكدرة، فشعر يقينا بانفراجة قريبة!! ظل هكذا حتى أشرقت شمس يوم جديد ورأى قبيلة آتية من سفر بعيد، فسألهم: من أين أتيتم؟، أجابوه: من بلاد بعيدة ما وجدنا فيها خيرًا قط؛ كل ما فيها قحط، فسألهم: وإلى أين تشدون الرحال؟، قالوا: أرض الله واسعة، فتعجب الفتى: أيَّ هدف ترجون؟، قالوا: نعمُر الأرض، فعاد ليسألهم: أي أرض!، قالوا: أرض الله الواسعة، قال: أو ليست أرضكم من أرض الله؟ فلما ترحلون لغيرها!، قالوا: إن أرضنا ليس فيها بذر، فتحمس الفتى: معي بذر، ما رأيكم لو عدنا إلى أرضكم لنزرعها ونعمرها، اندهشوا جميعًا وبادروه: وكيف لفتى صغير مثلك يغير ما عجزنا عنه نحن، أمجنون أنت؟، قال: معي روحي وعقلي وقليل من البذر لنزرع..، لم يعجب العجائز كلامه وظلوا في طريقهم سائرين، وبقي مع الفتى ثلة من الصغار، ثم عادوا إلى بلادهم ليعيدوا مجدها ويشيدوا أرضها..
وبدأت القصة..

جميل

ممتعة ورائعة وتحمل الكثير الكثير من المعاني والرموز حتى أني حفظتها عندي
شكرااااااااااا لك

روح وعقل وقليل من البذر مع همّة الشّباب والبحث عن أرض خصبة قادرة على العطاء....
حلو الكلام وبعبّي الرّاس.
شكراً

اهلا وسهلا بك نسرين نورت المنتدى ...
للتوضيح ولأمانة النقل الكلمات ليست بقلمي ولكن أحببتها ولامست قلبي فأحببت أن أشرككم بهاوعذراً لعدم التوثيق فقد حفظتها عندي ولم أعد أذكر كاتبها
علماً أن النقل للفائدة والله من وراء القصد...
أشكر مرورك ..وأهلاً بك مرة أخرى في أسرة المنتدى