لماذا نتحدث الآن عن القيادة ؟ ما مفهوم القيادة؟

نعيش في وهم اسمه انتظار البطل أو انتظار الفرج دونما مبادرة لعمل شيء. وكأننا نسينا أو تناسينا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم " كما تكونوا يولى عليكم" ، وأغضينا الطرف عن مقولة الإمام علي كرم الله وجهه : كيف تريدون أن نسير فيكم مسيرة أبي بكر وعمر وأنتم لا تسيرون فينا مسيرة رعية أبي بكر وعمر.
نعاني اليوم من مشكلة غياب الكل عن ميدانه، فالأب والأم غائبان عن تنشئة أسرتهما على منهج قويم والمعلم متكاسل عن رعاية صفه وفق خط سديد ، والإمام متشاغل عن تبصير مسجده بالهدف الرشيد. وكل يمارس دور إسقاط المسؤولية عن عاتقه وقذفها في ملعب الآخر.. فالمدرسة تتعلل بالأسرة ، والأسرة بالمسجد ، والمسجد بالمدرسة .........
ولأننا فقدنا الهدف الذي ننجذب إليه ويمنح مسيرتنا الانسجام والمنطقية ، لأننا أصبحنا غثاءً لا قرآناً يمشي على الأرض ، لأن القصور في فن التفاعل وفن التأثير تفشى فينا حتى على مستوى محيطنا الصغير فقد فقدنا القيادة الفعالة على كافة مساحاتها ودوائرها.
ولأننا استفرغنا طاقاتنا في التنافس على المناصب والزعامات فتعطلت الطاقات وأهملت الكفاءات وضعف الأداء ، وصار الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب ..... ضعفت الأمة وتمكن منا العدا
وقد سئل الفاروق : أتوشك القرى أن تخرب وهي عامرة ؟ قال إذا علا فجارها على أبرارها . وتأمل دعاءه : اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاسق وعجز الثقة .
لكن يقيننا أن أمة الإسلام أمة تحمل الإجابة عن كل الأسئلة التي حيرت العالم ، وأن مستقبل النهوض بالبشرية سيعتمد على نوعية الإنسان القائد ، وأننا نستطيع إيجاد مجتمع أقوى من مجموع أفراده بالبدء على الصعيد الشخصي .... كان تعلم القيادة ضرورة ملحة ليصبح كلاً منا رائد ، وكان اكتشاف المبدع وصناعة القائد قضية الأمة اليوم . و " إنما الناس كالإبل المئة لا تكاد تجد فيها راحلة"

فما هي القيادة ؟
القود لغة : نقيض السوق نقول ( يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها ) وقديماً قالوا :
” إن أردت أن تكون إمامي فكن أمامي “
اصطلاحاً : عملية تحريك الناس نحو الهدف . وفي المنظور الإسلامي لا بد أن تكون هذه الحركة وفق قيم وشريعة الإسلام ، فالغاية ناصعة ، والوسيلة راشدة .

تأتي أهمية القيادة من كونها القوة اللازمة لتوجيه الطاقات بأسلوب متناسق يضمن عمل الأفراد بين خطط المؤسسة وتصوراتها المستقبلية من خلال تدعيم الإيجابيات وتقليل السلبيات ، ومواكبة بل توظيف المتغيرات ، والسيطرة على المشكلات ، وإعادة التوازن لخطى المؤسسة عند المحن والمهمات.
من هنا فإن أهمية القائد لا تحددها خطورة أو حجم المهمة التي ينفذها فالقادة العظماء يقومون بأمور عادية أيضاً ، لكن التعامل غير العادي مع الأمور العادية هو الذي يصنف القائد في عداد العظماء.
المتشائم يخشى أن تهب الرياح بما لا تشتهي السفن والمتفائل يتوقع دائماً أن تهدأ الرياح لكن القائد يعدل وضع الشراع ليستفيد من قوة الرياح