حب وتجرد

السير سير القلوب لا سيرُ الأبدان، فذا نهج من صلح وفلح، نهج لبيك اللهم لبيك، نهج الله أكبر، نهج تجردٍ وإخلاص نهج البسطاء، السالكين بتواضعٍ مع الله، في صبر وحب، فما عرف الشوق من لم يكابده وما عرف الصبابة من لم يعانيها، نهج المتمسكين بالفكرة والعقيدة، لا أتباع الأغراض والمنفعة، الذين تجردوا ورتّلوا: “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت”
فلا ابتغاء لك إلا القلب الأجرد، الذي لا يصدأ ولا يخيب، فهو الأثر الصالح والغرس المُبارك الذي يمن الله به عليك والمقصود بتجرد القلب أن تترك نفسك وتأتيه هرولة، أن تخلص لفكرتك عن كل ما سواها، أن تقيم له الدين، أن ترتقي في درجات العلم، حتّى تُؤتى الحكمة، أن تقيم في الأرض العدل فلا تمايز ولا تفاضل إلا بالتقوى. أن تحبّ وتتعلق وتعشق هذا الرب، جلّ في جلاله، ربي المعشوق الظاهر والباطن، نور السماوات والأرض.
فمقام الحب والتجرد ما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل، فكن عبدا لرب الأرباب، نشيدك كلّ صباح “لا إله إلا الله“، وفوض سائر أمرك له يدبره كيفما يشاء.
فلا تيأس من معاناة حبّك، ولا من قسوة تجارب حياتك، فإن ذاك من تمام صنعك، وكمال هندسة ذاتك واتساقك مع ما حولك، كونك الإنسان الصابر، كونك الوارث.. فحبّك الواحد الأحد معيارك الذي يكيفك لتلقي وتحمل الصدمات، وسبيلك للطمأنينة واليقين في كل نعمة أو نقمة. في تحصيل استقامة الذات وإحداث سر الحياة
إن لك في سفرك هذا طريقا طويلة ووعرة، ومسالك عصيبة وشاقة فابتغ من الدنيا دورك، واعرف مقامك وقدرك عند بارئك، فكن الخليفة، أو الجندي، المربّي، أو المعلم، العامل أو العالم، الفلاح أو المهندس، الطبيب أو الفنان، لكن قبل ذلك كله كن: العارف الباحث عن الله الطالب الله فتنعم أيما نعيم.
الروح موطنك والجسدُ غربتك، وبين ذاك وذاك فالبيّنة في صحة أو مرض نيّتك.. فلا تضطرب، هذا هو النظام، ولا تنحرف هذا هو النهج،و لا تتراجع فهذا هو النداء، ولن يكبر عليك شيء ما دامت كلمتك " الله أكبر"

جميلة جداً ........... صحيح التجرد في البداية صعب لكنه مريح للنفس على المدى البعيد في الدنيا قبل الآخرة ...